قصة عيسى المسيح

بسم الله الرحمن الرحيم

من وحي النبوة

بشارة المسيح التي دونها الحواريي متى

5

موعظة عيسى المسيح على الجبل

هنيا لكم

وشاف السيد المسيح جموع من الناس، فطلع على الجبل وقعد. فجم أتباعه واجتمعوا حوليه. فتكلم معاهم وعلمهم وقال لهم:

«هنيا لهم المكسورة قلوبهم،

لأن مملكة الله لهم.

هنيا لهم الحزينة قلوبهم،

لأن الله حيعزيهم.

هنيا للمتوكلين،

لأن الله بيحفظ وعده وحيباركهم.

هنيا لهم اللي طاعة الله أحب عندهم من أكلهم وشربهم،

لأن الله حيرضيهم.

هنيا للرحماء،

لأن الله حيرحمهم.

هنيا لهم اللي طاهرة قلوبهم،

لأنهم حيشوفوا مجد الله بعيونهم.

هنيا للي بينشروا السلام بين الناس،

لأن الله اتبناهم.

هنيا للي بيضطهدهم الناس بسبب إيمانهم،

لأن مملكة الله لهم.

هنيا لكم لو الناس أهانوكم وإضطهدوكم وأفتروا عليكم لأنكم أتباعي.

أفرحوا أذن وابتهجوا لأن جزائكم في السماء عظيم، فالأنبياء قبلكم كانوا مضطهدين زيكم.

مصابيح الهدى

أنتم زي الملح لكل الناس. فإذا ضاع من الملح طعمه، أزاي ممكن ترجع له ملوحته؟ ساعتها يبقى الملح من غير منفعة، فيرميه الناس على الأرض وتدوسه رجليهم. أنتم نور ساطع بيهتدي به الناس، زي مدينة مبنية على جبل نورها بالليل بيهدي كل اللي يبص عليها. فمفيش حد من الناس بيولع مصباح ويحطه تحت المائدة، لكن بيعلقوه في مكان عالي علشان ينور كل البيت. وأنتم كمان لازم يتوهج نوركم بين الناس، فيشوفوا أعمالكم الطيبة ويمجدوا الله وليكم.

لا تبديل لكلمات الله

ماتظنوش أني جيت علشان أنقض شريعة موسى ولا الأنبياء، فأنا مجتش علشان أنقض الشريعة، إنما جيت علشان أتممها. الحق أقول لكم: تزول السماوات والأرض، ولا تزول كلمة واحدة من الشريعة، لحد ما يتمم الله كل اللي جاء فيها. علشان كده بأقولكم أن كل اللي ينقض حتى أصغر وصية من الشريعة، ويعلم غيره أنه ينقضها، يكون الأحقر في مملكة الله. وأما اللي يطيع وصايا الشريعة، ويعلم غيره طاعتها، فيكون الأعظم في مملكة الله. الحق أقول لكم، خلوا طاعتكم تكون أفضل من طاعة فقهاء الشريعة، وإلا فمش حتدخلوا في مملكة الله أبدًا.

الصلح خير

أنتم عارفين أن شريعة الأولين بتقول: لا تقتل، واللي يقتل يخضع للمحاكمة. أما أنا فبقول لكم، اللي يغضب على أخوه يخضع للمحاكمة، واللي يهين أخوه يستوجب حكم الله، واللي يقول لأخوه "يا حقير" يترمى في نار جهنم. علشان كده، أن كنت بتتعبد لله وبتقدم له أضحية وأفتكرت أثناء عبادتك أن أخوك له عليك حق، فسيب أضحيتك، وروح الأول علشان تصالح أخوك، وبعدها ترجع علشان تكمل عبادتك. ولما حد يخاصمك قدام القضاء، أتصالح معاه قبل ما تصلوا للمحكمة، وإلا أتهمك قدام القاضي، فيسلمك القاضي للحرس، والحرس يرموك في السجن. الحق أقول لك: مش حتخرج من السجن إلا لما تسدد كل اللي عليك.

لا تزني!

أنتم عارفين أن شريعة الأولين بتقول: لا تَزني! أما أنا فبقول لكم: كل اللي يبص لإمرأة ويشتهيها في نفسهِ، فهو زنىَ بها في قلبه. علشان كده إن كانت واحدة من عينيك بتخليك تشتهي وترتكب الخطيئة، فاقلعها وأرميها بعيد عنك. فأحسن لك أنك تفقد عضو من جسمك من أن جسمك كله يترمى في نار جهنم. وإن كانت واحدة من إيديك بتخليك ترتكب الخطيئة، فاقطعها وأرميها بعيد عنك. فأحسن لك أنك تفقد عضو من جسمك من أن جسمك كله يترمى في نار جهنم.

الطّـلاق

أنتم عارفين أن شريعة الأولين بتقول: اللي يطلّق زوجته، لازم يديها وثيقة طلاق. أما أنا فبقول لكم: كل اللي يطلّق زوجته علشان حاجة غير علّة الزنى، فهو بيتسبب في زناها. واللي يتجوز مطلقة كأنه بيرتكب الزنا.

لَا تحلفوا أبداً

أنتم عارفين أن شريعة الأولين بتقول: ماتخالفش حلفانك، وتوفيِّ لله عهدك. اما أنا فبقول لكم: ماتحلفوش أبداً، لا بالسماء لأنها عرش الله، ولا بالأرض لأنها مستقر لرجليه، ولا بالقدس لأنها مدينة الله. ولا تحلف برأسك لأنك ماتتملكش أنك تغير فيها شعرةً بيضاء ولا سوداء. أذن خلوا كلامكم حسب قصدكم: نعم أو لا. والزيادة عن كده فهو من عمل الشيطان.

التسامح

أنتم عارفين أن شريعة الأولين بتقول: العين بالعين والسن بالسن. أما أنا فبقول لكم: ماتنتقموش من اللي بيغلطوا في حقكم. فلما يضربك حد على خدك، قدم له خدك التاني كمان. ولما يقاضيك حد علشان يأخذ قميصك فسيب له عبايتك كمان. ولما يسخرك حد علشان تشيل أحمال مسيرة ميل فأمشي معاه ميلين. ولما يطلب منك حد حاجة، أديله طلبه. ولما حد يطلب يستلف منك، ماتردهوش من غير ما تسلفه.

حبوا أعداءكم

أنتم عارفين أن شريعة الأولين بتقول: "حبوا جيرانكم وأكرهوا أعدائكم" أما أنا فبقول لكم: حبوا أعداءكم، وأدعوا للي بيظلموكم. فتكونوا أبناء لوليكم الله اللي في السماء، فهو اللي نور شمسه بيسطع على الصالحين والأشرار، وهو اللي بينَزل مطره على الظالمين والأبرار. فلو كنتم بتحبوا بس اللي بيحبونكم، فأيه الفضل اللي لكم؟ هم مش اللي بيلموا الضرائب للرومان بيعملوا كده كمان؟ وإن كنتم بترحبوا بس بأخوانكم، فأيه الفضل اللي لكم؟ هم مش الوثنيون بيعملوا كده كمان؟ أعرفوا إن وليكم الله اللي في السماء كريم وكامل، فكونوا أنتم كمان زيه كرماء وكاملين.

6

الصدقة

يا أيها الناس، أياكم والنفاق لما تؤدوا شعائر دينكم، والتظاهر قدام الناس بشدة تدينكم. وإلا ضاع ثوابكم من عند الله وليكم. لما تطلعوا صدقة، بلاش صدقاتكم تكون جهارًا زي ما بيعمل المنافقين. الحق أقول لكم: أنهم تاجروا مع الناس صدقاتهم ونالوا منهم أجرهم. فلما تطلعوا صدقة، المفروض شمالكم ماتعرفش أيه اللي بتنفقه يمينكم. لازم تكون صدقاتكم في السر مخفيه، والله وليكم مطلع على الأسرار وهو يجازيكم.

الصّلاة

ولما تصلوا، بلاش تجهروا بصلاتكم زي المنافقين. الحق أقول لكم: أنهم تاجروا مع الناس صلواتهم ونالوا منهم أجرهم. فلما تصلوا، أختلوا بنفسكم وأقفلوا عليكم أبوابكم وصلوا لله وليكم العالم بأسراركم وهو يجازيكم. وماتخلوش صلاتكم تكون مجرد تكرار لكلمات كثير فاضيه، زي اللي مش بيؤمنوا وبيحسبوا أن بكثر الكلام بتستجاب الدعوة. فبلاش تتشبهوا بهم، لأن الله وليكم يعلم قبل ما تسألوه كل إحتياجاتكم.

ولما تصلوا فقولوا زي الدعاء ده في صلاتكم:

"يا رب أنت ولينا، والمجد لإسمك. والسيادة لمملكتك،

وتكون مشيئتك علىَ الأرض زي ما هي في السماء.

أرزقنا قوت يومنا

واغفر لنا ذنوبنا،(وسدد عننا الإحسان إلينا،)

زي ما بنسامح أحنا اللي بيغلط في حقنا.(زي ما بنعفي احنا اللي بنحسن إليهم)

وأحفظنا من الفتنة،

ونجينا من الشرير". يا رب لك الملك والقوة والمجد الأبد. أمين.

فإذا أنتم سامحتم اللي أذنب في حقكم، غفر وليكم الله ذنوبكم. وإذا ماسامحتوش اللي أذنب في حقكم، مش حيغفر وليكم الله لكم ذنوبكم.

الصوم

يا أيها الناس، لما تصوموا بلاش تكشروا وشوشكم زي المنافقين، اللي بيكشروا وشهم علشان يبينوا للناس أنهم صائمين. الحق أقول لكم: أنهم تاجروا مع الناس صيامهم ونالوا منهم أجرهم. أما أنتم فلما تصوموا، فاتزينوا وأغسلوا وشكم وعطروا راسكم. وماتبينوش للناس صيامكم، فالله وليكم عالم بسركم وهو يجازيكم.

شوق قلبك مكان ما يكون كنزك

يا أيها الناس، ماتجمعوش لنفسكم كنوز على الأرض، مكان ما السوس بيفسدها أو الصدأ يهلكها، ويدور عليها اللصوص علشان يسرقوها. لكن إجمعوا لنفسكم كنوز في السماء، هناك لا سوس يفسدها ولا صدأ يهلكها، ولا لصوص ينهبوها. فمكان ما يكون الكنز، يكون كمان شوق القلب.

العين مصباح الجسد

العين مصباح الجسد. فلو صلح نور العين، ملأ النور كل الجسد. لكن إن فسدت العين، أفسدت الظلمة الجسم كله. فإذا كان النور اللي فيكم ظلمة، فيا شدة عتمة!

مش ممكن تخدم سيدين

مفيش حد يقدر أنه يخدم سيدين، لأنه إما أنه يحب واحد فيهم ويكره التاني، أو يوالي واحد ويعارض التاني. فمش ممكن أنكم تعبدوا الله وأنتم عبيد لشهوات الدنيا.

متقلقوش على متاع الدنيا

علشان كده أنا بقول لكم، ما تقلقوش على معيشتكم بشأن أكلكم وشربكم، ولا الكسوة اللي بتحطوها على جسمكم. هي حياتكم مش أهم من مجرد أكل وشرب وكسوة؟ تأملوا الطيور اللي بتطير في السماء، فهي لا بتزرع ولا بتحصد ولا بتجمع في مخازن قوتها، لكن الله وليكم بيتكفل بأكلها. مش برضه حياتكم أكرم عند الله من الطيور في قيمتها؟ فهل القلق ممكن يزود ساعة في عمركم؟ وليه تقلقوا علشان كسوتكم؟ تأملوا الزهور أزاي بتنمو في البراري، وهي لا بتتعب ولا بتغزل. الحق أقول لكم: حتىَ الملك سليمان في عز مجده مكنش بيلبس كسوة في جمال زهور البرية. فإن كان الله بيكسي عشبة البرية، اللي بتزهر النهاردة وبكره ترمى حطب في النار، فيا ضعاف الإيمان، مش برضه الله أولىَ بأنه يكفل لكم أنتم أكثر من مجرد كسوتكم؟ علشان كده ماتقلقوش وتقولوا: حنأكل أيه؟ وحنشرب أيه؟ وحنلبس أيه؟ فكل ده هو اللي أهل الدنيا بيسعوا إليه. أما الله وليكم فيعلم كل إحتياجاتكم. وأما أنتم فاسعوا أولاً لمملكة الله ومشيئته، فيزيدكم الله من ده كله. فماتقلقوش علشان بكره، فبكره ربنا بيدبر أمره، وكفاية على النهاردة الهموم اللي فيه.

7

كما تُدين تُدان

أياكم تدينوا الناس ولا تعيبوا على غيركم، وإلا هم كمان أدانوا عيوبكم. فزي ما تدين تدان. وزي ما بتعاملوا الناس يعاملوكم. ليه بتبصوا على القشرة في عين أخوكم وبتغفلوا عن عود الخشب اللي في عنيكم؟ وأزاي ممكن أنكم تقولوا لأخ لكم: يا أخي، خليني أشيل عن عينك القشرة ، وعود الخشب في عنيكم أنتم؟ يا منافقين! شيلوا الأول عود الخشب اللي في عنيكم، ساعتها ممكن أنكم تشوفوا كويس علشان تشيلوا القشرة من عين أخوكم. أياكم تدوا شيء قدوس وثمين لمن لا يستحق، وإلا دنسه وبعدها ينقلب عليكم ويهاجمكم.

دقوا علىَ أبواب السماء

أطلبوا والله يلبي طلبكم، أسعوا والله يعطيكم، دقوا علىَ أبواب السماء تتفح لكم. فكل اللي يطلب ينول، ومن جد وجد، واللي يخبط على الباب يتفتح له. مين منكم بيدي أبنه حجر إذا طلب منه رغيف عيش؟ أو بيديه ثعبان إذا طلب منه سمكة؟ فإذا كنتم وأنتم أشرار بتعرفوا أزاي تدوا عطايا جيدة لأولادكم، مش برضه الله وليكم أولى بأنه يدي أحسن منها للي بيسأله منكم؟ أذن، عاملوا الناس زي ما تحبوا أنهم يعاملوكم، فهو ده جوهر الشريعة وكتب الأنبياء اللي نزلت عليكم.

أبتغوا إلىَ الله السبيل

أدخلوا من الباب الضيق. فباب الهلاك واسع وطريقه سهل، وبيدخل منه ناس كثير منكم. أما سبيل الحياة فهو باب ضيق وطريق شاق، ومش بيلاقيه إلا القليل منكم.

الشجرة الطيبة والشجرة الخبيثة

إحذروا من اللي بيدعوا النبوة الكاذبين، اللي بيجولكم في شكل حملان وديعة، لكن في باطنهم هم ذئاب مفترسين. تعرفوهم من ثمار أعمالهم. فهل من الشوك بتحصد عنب، أو من العليق بتجني تين؟ علشان كده، فالشجرة الطيبة ماتطلعش إلا ثمر طيب، والشجرة الخبيثة ماتطلعش إلا ثمر خبيث. فمفيش شجرة طيبة تطلع ثمر خبيث، ومفيش شجرة خبيثة تطلع ثمر طيب. فكل شجرة متطلعش ثمار طيبة تتقطع وتترمى حطب في النار. أذن، حتعرفوهم من ثمار أعمالهم.

بُعداً للقوم الظالمين

مش كل اللي يناديني ويقول لي: "يا سيدنا، يا سيدنا!" يدخل في مملكة الله، لكن كل اللي يعمل حسب مشيئة وليي اللي في السماء. يوم الحساب ناس كثير حيقولو لي: "يا سيدنا، يا سيدنا، أحنا انتنبأ بأسمك، وطردنا الشيطان باسمك، وعملنا معجزات كثير كمان باسمك؟ لكني حقول لهم جهرًا: "إبعدوا عني يا أشرار، فأنا ماعرفكمش".

أسسوا بنيانكم على تقوى من الله

علشان كده كل اللي يسمع كلامي ويعمل به، هو زي راجل حكيم بنى بيته على الصخرٍ. فنزل المطر، وجرت السيول، وضربت البيت رياح عاصفة، لكن البيت ثبت وماتهدش لأنه متأسس على الصخر. وكل اللي يسمع كلامي ومايعملش به هو زي رجل أحمق بنى بيته على الرمال. فنزل المطر، وجرت السيول، وضربت البيت رياح عاصفة، فوقع البيت وأنهار تمامًا.

ولما أنتهى عيسى المسيح من كلامه، اتعجبت جموع الناس وخشعت من تعاليمه. لأنه كان بيعلمهم وهو مؤيد بسلطة، ومش زي كلام فقهاء الشريعة.

28

   

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم من وحي النبوة بشارة المسيح التي دونها لوقا الطبيبُ

لوقا الطبيبُ

بشارة المسيح التي دونها لوقا الطبيبُ

 

7

السيد المسيح يشفي خادم الضابط الروماني

وبعد ما أنتهى السيد المسيح من إلقاء تعاليمه على الناس قرب بحيرة طبرية (شمال فلسطين)، نزل من على التل وراح لمدينة كفر ناحوم. وكان في كفر ناحوم ضابط في الجيش الروماني عنده عبد عزيز على قلبه لكنه كان مريض وعلى وشك الموت. ولما سمع الضابط الروماني عن السيد المسيح، بعت له شوية من قادة بني إسرائيل علشان يطلبوا منه أنه يجي علشان يشفي العبد المريض. فراح قادة بني إسرائيل للسيد المسيح وتوسلوا له وقالوا: الرجل ده يستحق الفضل، لأنه بيحب شعبنا، وهو اللي بنىَ لنا بيت للعبادة. فراح السيد المسيح معاهم. ولما قرب من البيت، بعت الضابط شوية من أصدقائه علشان يقولوا للسيد المسيح: يا سيدنا، ماتكلفش نفسك وتيجي عندي، فأنا مستحقش أنك تدخل تحت سقف بيتي. ولا حتى أستحق أن أجيء وأقف قدامك بنفسي. يكفي أنك تقول كلمة تشفي عبدي. فأنا تحت سلطة رؤساء فوقي، وكمان عندي جنود تحت أمري. أقول لده روح فيروح، ولغيره تعالى فيجي، ولما أمر عبدي بينفذ أمري. فتعجب السيد المسيح من كلامه، وبص للناس اللي مشت وراه وقال لهم: الحق أقول لكم، أنا ملقتش في بني إسرائيل إيمان زي كده. فرجع أصدقاء الضابط للبيت، فلقوا أن العبد زال عنه مرضه.

السيد المسيح يُحيي أبن الأرملة

وحصل في يوم أن السيد المسيح راح مع أتباعه لمدينة نعيم، ومشى معاه جمع كبير من الناس. ولما وصلوا قرب بوابة المدينة، لقوا جنازة خارجة وماشي وراها جمع كبير من الناس. وكان الميت شاب ابن وحيد لأمه الأرملة. فلما شافها السيد المسيح أشفق عليها، وقال لها: لا تبكي! وبعدين اتقدم السيد المسيح ناحية النعش ولمسه، فوقف الناس اللي شايلين النعش. فقال السيد المسيح للشاب: يا شاب، قوم. فقام الشاب الميت وقعد واتكلم. فأخذه السيد المسيح وسلمه حي لأمه. ولما شاف الناس اللي عمله السيد المسيح خشعوا وسبحوا الله وقالوا: بالحق ظهر نبي عظيم بيننا، أرسله الله علشان يعين شعب بني إسرائيل! وانتشرت أخبار السيد المسيح في كل المنطقة اللي كانوا فيها والمناطق اللي حوليها.

النبي يحيى يبعت رسل لعيسى المسيح

ولما كان النبي يحيى بن زكريا في السجن، بلغه أتباعه بكل أخبار عيسى المسيح. فبعت النبي يحيى أثنين من أتباعه لعيسى المسيح علشان يسألوه: هل أنت المسيح المنتظر؟ ولا أحنا مستنيين حد تاني؟ فراح رسل النبي يحيى لعيسى المسيح وقالوا له: النبي يحيى بيقول لك: هل أنت المسيح المنتظر؟ ولا أحنا مستنيين حد تاني؟ في الوقت ده شفى عيسى المسيح أمراض وإعاقات كثير من الناس، وطرد أرواح خبيثة ورد البصر لناس كتير كانوا عمي. فرد عيسى المسيح على رسل النبي يحيى وقال لهم: روحوا وبلغوا يحيى بكل اللي شفتوه وسمعتوه. فأهم العمي بيشوفوا، والمشلولين بيمشوا، واللي عندهم برص بيتشفوا، والطرش بيسمعوا، والموتى بيقوموا، وبشارة السماء بتوصل للمساكين. فهنيا للي مايشكش فيا وبالحق يعرف مين أنا. وبعدما مشى رسل النبي يحيى، بدأ عيسى المسيح يكلم الناس عن النبي يحيى وقال لهم: لما خرجتم للبرية، هل خرجتم علشان تتفرجوا على العشب والريح بتهزه؟ أو خرجتم علشان تشوفوا راجل لابس ملابس فاخرة؟ لا. فاللي بيلبسوا الملابس الفاخرة ساكنين في القصور. أذن، خرجتم علشان تشوفوا أيه؟ خرجتم علشان تشوفوا نبي؟ أيوه نبي، وكمان أعظم من نبي. فهو اللي قال الله عنه في نبوءة النبي ملاكي: "حبعت نبي قبلك، علشان يمهد الطريق قدامك." الحق أقول لكم، متولدش على الأرض حد أعظم من يحيى. لكن أقل واحد في مملكة الله يكون أعظم منه. ولما سمع كل الناس الموجودين كلام عيسى المسيح عن نبوءة يحيى وتعاليمه، سبحوا بفضل الله عليهم لأنهم قبلوا التوبة وتطهروا على إيد النبي يحيى بالغمر في المياة، بما فيهم العصاة وجباة الضرائب. أما المتشددين وفقهاء شريعة موسَى، فعصوا مشيئة الله فيهم ورفضوا يتطهروا بالمياة على إيد النبي يحيى. وبعدين كمل عيسى المسيح وقال للناس: بأيه أشبه الجيل ده اللي عصوا كلام الله؟ وبأيه ممكن أوصفهم؟ فهم زي صبية قاعدين في السوق يزعقوا وينادوا على بعضهم ويقولوا: "عزفنا لكم لحن العُرس، فمرقصتوش! وعزفنا لكم لحن الجنازة، فمعيطوش!" لما جالكم يحيى زاهد لا بيأكل ولا بيشرب، قلتم: "فيه مس شيطاني!" ولما نزل لكم اللي صار بشر، قلتم: "شوفوا ده أكول وشره، رفيق لجباة الضرائب والعاصين!" لكن أعلموا أن الله بيبريء كل اللي بيتبعوا مشيئته."

عيسى المسيح يغفر لإمرأة خاطئة

وفي يوم، عزم رجل اسمه شمعون، اللي كان من فقهاء الشريعة، عيسى المسيح علشان يأكل في بيته. فراح عيسى المسيح لبيت شمعون. وكان في نفس القرية واحدة ست سيئة السمعة. لما عرفت أن عيسى المسيح معزوم في بيت شمعون، جابت إزازة غالية فيها عطر فاخر، وراحت لبيت شمعون. فجات من وراء عيسى المسيح ووقفت عند رجليه وهي بتبكي بحرقة. فغسلت رجليه بدموعها، ومسحتها بشعرها. وبعدين قبلت رجليه ودهنتهم بالعطر الغالي اللي جابته. ولما شاف شمعون فقيه الشريعة اللي عملته الست، قال في نفسه: لو كان الراجل ده بجد نبي من عند الله، كان عرف أن الست اللي حطت إيدها عليه دي خاطئة وسيئة السمعة. فعرف عيسى المسيح اللي بيدور في نفس شمعون. فقال له: يا شمعون، أنا عايز أقول لك حاجة. فقال شمعون: تفضل يا مُعَلّم. فقال عيسى المسيح: كان فيه راجلين مديونين لواحد مرابي. واحد مديون بـ 500 دينار والثاني مديون بـ 50. ولما عجز الراجلين عن سداد ديونهم، تنازل المرابي عن ديونهم وعفا عنهم. فمين من الراجلين حيكون ممتن للرجل المرابي ده ويحبه أكثر؟ فأجاب شمعون: أظن أن الراجل اللي كان عليه الدين الأكبر حيكون ممتن ويحبه أكثر. فقال له عيسى المسيح: نعم، صدقت. فبص عيسى المسيح للست، وقال لشمعون: أنت شفت أيه اللي عملته الست دي؟ فأنا دخلت ضيف في بيتك، لكنك ماعطتنيش مياة علشان أغسل رجلي من تراب الطريق. لكن هي غسلت رجليَّه بدموعها ومسحتهم بشعرها. أنت ماأحسنتش إستقبالي بقُبلة لما دخلت بيتك. أما هي فماتوقفتش عن تقبيل رجليه. أنت مامسحتش راسي بالزيت علشان تكرم ضيافتي. أما هي فأكرمتني ومسحت بالعطر الثمين رجلي. لذلك فاعلم يا شمعون أن ذنوبها الكثيرة أتغفرت لها، فكشفت عن عظمة محبتها. واللي يتغفَر له القليل بيكشف عن قلة محبته. بعدها قال عيسى المسيح للست: ذنوبك مغفورة. لكن ناس من الحاضرين بدأوا يقولوا ما بينهم: ومَن يكون ده علشان يغفر الذنوب؟ فقال عيسى المسيح للمرأة: إيمانك بيا خلصكِ من خطاياكِ وذنوبك. روحي بسلام!

8

نساء في خدمة البشارة

بعد كده مشى عيسى المسيح في المدن والقرى علشان يبشر الناس بحلول مملكة الله. وكان معاه الحواريين الـ12. وكمان تبعته بعض النساء اللي كان عيسى المسيح شفا أمراضهم وخلصهم من أرواح شريرة. واحدة منهم كانت مريم المجدلية اللي كان لابسها سبعة شياطين. وكمان تبعته ستات تانيين وهبوا كل أموالهم لدعم عيسى المسيح وأتباعه، ومنهم حنة زوجة خوزي وكيل الحاكم الروماني هيرودس، وإمرأة أسمها سوسن.

مثل زارع البذور

ولما أجتمع حشد كبير من الناس من مختلف القرى والبلدات حولين عيسى المسيح، بدأ يكلمهم وضرب لهم مثل وقال: خرج مُزارع علشان يزرع البذور في الحقل. ولما كان بيرمي البذور، وقعت بعض البذور جنب الطريق، فداست عليها الأقدام وأكلتها الطيور. وبعض البذور التانية وقعت على تربة صخرية وبدأت تنمو. لكنها نشفت وماتت من قلة المياة. وبعض البذور وقعت بين الشوك، فلما نمت نما الشوك معاها فخنقها الشوك فماتت. أما البذور اللي وقعت على أرض خصبة، فنبتت وأثمرت مائة ضعف. ولما أتم عيسى المسيح المثل رفع صوته وقال: "اللي سمعني منكم، يعمل باللي سمعه.

الحواريين يسألوا عن معنى المثل/ الحكمة من إستعمال الأمثال

فسأل الحواريين عن معنى المثل. فقال لهم عيسى المسيح: أنا عطيتكم معرفة أسرار مملكة الله، أما الناس التانيين فأكلمهم بالأمثال، فتتحقق كلمة الله في نبوءة النبي إشعيا: "بيبصوا ومش بيشوفوا، وبيسمعوا ومش بيفهموا."

عيسى المسيح يفسر المثل للحواريين

وده تفسير المثل: فالبذور هي كلمة الله، والأرض هي قلوب الناس. فالبذور اللي وقعت جنب الطريق، هم اللي بيسمعوا كلمة الله، لكن الشيطان بيجيهم وينزع كلمة الله من قلوبهم، فمش بيؤمنوا ولا بيكونوا من الناجين. والبذور اللي وقعت على التربة الصخرية، فهم اللي بيسمعوا كلمة الله ويقبلوها بفرحة. لكن جذور الإيمان مش عميقة في قلوبهم، فيؤمنوا فترة لكن لما يغويهم الشيطان بيتراجعوا. والبذور اللي وقعت بين الأشواك، هم اللي بيسمعوا كلمة الله، لكن حب الشهوات وهموم الدنيا بتخنقهم فميطلعوش ثمر ابدًا. أما البذور اللي وقعت على أرض خصبة، فهم اللي لما يسمعوا كلمة الله، يتمسكوا بها بقلوب مخلصة، ويصبروا فيطلعوا ثمار طيبة.

 

وبعدين قال عيسى المسيح: أسمعوا، فيه حد بيولع مصباح ويغطيه بحجاب أو يخفيه تحت الفراش؟ لا. ده أنتو بتعلقوه على منارة علشان يشوف النور كل اللي يدخل البيت. (فكل اللي يقبل كلمة الله يكون نور، فبينوا للناس نوركم.) كل مستور ولابد ينكشف، وكل مخفي لابد يظهر للنور. (زي ما كلمة الله حتكشف أسرار مملكته.) فانتبهوا وأعملوا باللي بتسمعوه. فكل اللي يسمع ويعمل بكلامي يزيده الله إيمان وثمر، واللي يعصى وميسمعش ينزع الله منه حتى القليل من الثمر اللي بيظن أنه عنده.

أهل عيسى المسيح

بعدها جت السيدة مريم أم عيسى المسيح ومعاها أخواته. لكنهم مقدروش أن يوصلوا لعيسى المسيح من شدة الزحام. فبلغ واحد من المتجمعين عيسى المسيح وقال له: أمك وإخواتك واقفين بره وعايزين يشوفوك. فقال عيسى المسيح: أمي وأخواتي هم اللي بيسمعو كلام الله وبيعملو به.

عيسى المسيح يسَكن العاصفة

ولما وصل عيسى المسيح مع الحواريين عند بحيرة طبرية، ركب في القارب وقال للحواريين: يلا نعبر لضفة البحيرة التانية. فأبحروا بالقارب زي ما أمرهم. وبعدها، نام عيسى المسيح. وفجأة ضربت عاصفة شديدة البحيرة، وكان القارب على وشك أنه يغرق وبقىَ الوضع جد خطير. فصحاه الحواريين وقالوا له: يا سيدنا، يا سيدنا، القارب بيغرق وأحنا حنهلك! فقام عيسى المسيح ونَهَىَ الريح والأمواج. فسكنت الريح وهدأت الأمواج. وبعدين قال للحواريين: فين إيمانكم؟ لكنهم كانوا في دهشة مفزوعين، فقالوا لبعض وهم بيتعجبوا: مَن يكون ده اللي يأمر الريح والأمواج فتسكن وتطيع؟

عيسى المسيح يخلص رجلاً من الشياطين

وبعدما هدأت العاصفة كملوا إبحارهم. ولما وصلوا لضفة البحيرة التانية، وقفوا عند منطقة الجرسيين اللي كان فيها ناس مش مؤمنين. ولما نزل عيسى المسيح على البر، قابله رجل من أهل المنطقة مسكون بالشياطين، كان سايب بيته وساكن المقابر وبيمشي عريان من زمن طويل. ولما كانت بتتملكه الشياطين، كان الناس بيربطوه بالسلال. لكنه كان بيكسر القيود وتسوقه الشياطين للبراري. ولما الرجل شاف عيسى المسيح وقع قدامه وصرخ وقال: يا عيسى يا أبن الله بالروح، ما لك بيا؟ أتوسل إليك، متعذبنيش. والراجل كان قال كده لأن عيسى المسيح أمر الشياطين بأنهم يخرجوا منه. فسأله عيسى المسيح: أيه أسمك؟ فأجاب: أسمي جماعة. وقال كده لأن جماعة كبيرة من الشياطين كانت ساكنه فيه. وتوسلت الشياطين لعيسى المسيح علشان مايأمرهاش تروح لهاوية الجحيم. وكان فيه قطيع من الخنازير بيرعى جنب الجبل. فطلبت الشياطين من عيسى المسيح بأنه يسمح لها بالدخول في قطيع الخنازير. فسمح لهم. فخرجت الشياطين من الرجل ودخلت في قطيع الخنازير. فهاجت الخنازير وأندفعت ناحية حافة الجبل، فسقطت في البحيرة وغرقت. ولما شاف الرعاة اللي حصل، جروا بسرعة وحكوا للناس في المزارع وفي المدينة. فخرج الناس علشان يشوفوا اللي حصل بنفسهم. ولما وصلوا عند عيسى المسيح، لقوا الراجل اللي كانت لابساه الشياطين خف ولابس هدوم وقاعد عند رجلين عيسى المسيح. فخافوا لما شافوه كده. وحكى لهم شهود العيان أزاي أن عيسى المسيح شفا الراجل وخرج منه الشياطين. فتملك الرعب من سكان المنطقة الجرسيين، وطلبوا من عيسى المسيح أنه يرحل عنهم. أما الراجل اللي كانت لبساه الشياطين فتوسل له علشان يروح معاه. فقال له عيسى المسيح: لا. لكن أرجع لدارك، وأحكي لكل الناس عن اللي عمله الله معاك. وبعدها ركب عيسى المسيح القارب ورجع. والرجل اللي كانت لابساه الشياطين كمان رجع لمدينته وحكى للناس عن اللي عمله معاه عيسى المسيح.

 

ولما رجع عيسى المسيح للضفة اللي أبحروا منها، رحبت به جموع الناس اللي كانت مستنياه. وفي نفس الوقت جا رجل من شيوخ بيت العبادة أسمه يائير، وركع قدام عيسى المسيح وتوسل له علشان يروح معاه لبيته. لأن بنتة الوحيدة اللي عمرها 12 سنة كانت بتموت. ولما كان عيسى المسيح في طريقه لبيت يائير، كانت الناس بتتزاحم حولين منه. وكان بين جموع الناس، واحدة ست عندها نزيف بقالها 12 سنة. وكانت ضيعت على الأطباء كل فلوسها، لكنهم عجزوا عن شفائها. فجات من ورا عيسى المسيح ولمست طرف ثوبه. فتوقف نزيفها في الحال. فقال عيسى المسيح: مَن اللي لمسني؟ فأنكر الجميع. فقال له الحواري بطرس: يا سيدنا، ناس كثير أوي بتتزاحم حولين منك! لكن عيسى المسيح قال: فيه حد لمسني، لأني حسيت بطاقة بتخرج مني. وكانت الست دي نجسة حسب الشريعة بسبب النزيف اللي عندها. ولما شافت أنها مش حتقدر تخبي أنها هي اللي لمسته، رمت نفسها عند رجليه وهي بتترعش. وقدام كل الناس قالت له ليه عملت كده، وازاي أن النزيف وقف فورًا بعد ما لمسته. فقال لها عيسى المسيح: يا بنتي، أنتي اتشفيتي لأنك أمنتي. روحي بسلام. ولما كان عيسى المسيح بيتكلم، جا راجل من بيت يائير وقال له: يا سيد يائير، مفيش داعي تتعب المُعلم، بنتك ماتت. ولما سمع عيسى المسيح، قال ليائير: ماتخافش. آمن بس والبنت تشفى. ولما وصل عيسى المسيح لبيت يائير، كانت الناس بتبكي وتندب على البنت. فقال لهم: بطلوا بكاء. البنت بس نائمة ومامتتش. لكن الناس سخروا منه لأنهم كانوا عارفين أنها ميتة. فمسمحش عيسى المسيح لحد أنه يدخل معه الدار إلا حوارييه الثلاثة، بطرس ويعقوب ويوحنا، وأبو البنت وأمها. فقرب عيسى المسيح من البنت ومسك ايدها وقال لها: يا بنتي، قومي! فرجعت الروح للبنت، وفي الحال قامت. فتعجب أبو البنت وأمها، فأمرهم عيسى المسيح بأنهم يدوا البنت حاجة تأكلها، وكمان أمرهم بأنهم ميحكوش لحد اللي حصل.

15

الفصل الخامس عشر

مثل الغنمة الضائعة

وجا مجموعة من جباة ضرائب الرومان والمنبوذين علشان يسمعوا كلام السيد المسيح. ولما شافهم فقهاء الشريعة والمتشددين، أتضايقوا وقالوا: «الرجل ده بيرحب بالخطاة وبيأكل مع المذنبين!» فضرب لهم المسيح الأمثال دي وقال: «لو كان عند رجل منكم 100 من الغنم، وضاعت واحدة منها، مش حيسيب الـ99 في البرية، ويجري يدور عن الغنمة التائهة لحد ما يلاقيها؟ ولما يلاقيها، حيشيلها على كتافه من فرحته بها. وبعدين يرجع بها لبيته ويعزم أصحابه وجيرانه، ويقول لهم: "أفرحوا معايا، أنا لقيت غنمتي اللي ضاعت مني"». أقول لكم، بنفس الطريقة تكون فرحة السماء بتوبة عاصي واحد، أكثر من فرحتها بـ99 بيحسبوا نفسهم صالحين.

مثل قطعة الفضة الضائعة

وبعدها ضرب لهم المسيح مثل تاني وقال: "لو فيه أمرأة عندها 10 قطع فضة، وضاعت قطعة واحدة منها، مش حتولع قنديل وتفتش في البيت كله لحد ما تلاقيها؟ ولما تلاقيها، حتعزم الأصدقاء والجيران وتقول لهم: "أفرحوا معايا، فأنا لقيت قطعة الفضة اللي ضاعت مني". أقول لكم، بنفس الطريقة تكون فرحة ملائكة السماء بعاصي واحد يتوب لله.

مَثل الأبن الضال

وبعدها ضرب لهم المسيح مثل تاني وقال: «كان فيه رجل عنده ولدين. فقال الأبن الصغير لأبوه: "يا أبي، أديني نصيبي من الميراث!" فقسم الأب ماله بين الولدين. وبعد أيام قليلة، جمع الولد الصغير كل نصيبه من مال أبوه ورحل لبلاد بعيده. وهناك أسرف لحد ضيع كل أمواله. ولما ضاعت كل أمواله، ضربت كمان مجاعة شديدة في البلاد دي، فبقىَ فقير ومحتاج. فراح علشان يشتغل في خدمة واحد من أهل البلاد دي. فبعته الرجل علشان يرعى الخنازير في الحقول. فكان الولد بيتمنى لو حتى يأكل من الأكل اللي بتأكله الخنازير، ومفيش حد كان بيرضى يديه.

وأخيرًا راجع الولد نفسه وقال: قد أيه الأكل اللي بيفيض من الخدم عند أبويا، وأنا هنا بأموت من الجوع. أنا حأقوم وأرجع لأبويا وأقول له: يا أبي أنا أذنبت في حق الله وفي حقك. وأنا مستحقش أكون أبنك، فخليني أكون واحد من خدمك.

فقام ورجع لأبوه. ولما أبوه شافه جاي عليه من بعيد، أتحنن قلبه عليه وجرى ناحيته وأخذه في أحضانه. فقال الولد لأبوه: يا أبي، أنا أذنبت في حق الله وفي حقك، ومستحقش أني أكون أبنك. لكن الأب قال لخدمه: "يلا بسرعة هاتوا أفخر هدوم ولبسوها له، وحطوا خاتم في يده، وحذاء في رجليه. وأذبحوا له العجل السمين، فنأكل كلنا ونحتفل بسلامته. لأن ابني ده كان ميت ورجع للحياة، وكان ضايع ولقيناه". وبدأوا يحتفلوا.

أما الأبن الكبير فكان في الحقل. ولما رجع للبيت سمع صوت رقص وزمر. فنادى واحد من الخدم وسأله عن الأمر. فقال له الخادم: أخوك رجع، وأبوك أمرنا أننا نذبح العجل السمين علشان نحتفل بسلامته. فغضب الأبن الكبير ورفض دخول البيت، فخرج أبوه يترجاه علشان يدخل. فقال الابن الكبير: "يا أبي، كل السنين دي وأنا بخدمك، ومحصلش أبدًا أن خالفت في يوم أمرك، لكن أنت معتطنيش في يوم ولو عجل صغير أحتفل به مع أصحابي. ولكن لما رجع ابنك ده اللي ضيع مالك على الزواني والساقطين ذبحت له العجل السمين!"

فقال له أبوه: يا أبني أنت دائماً معايا وكل اللي أملكه فهو لك. لكن لازم نفرح ونحتفل، لأن أخوك ده كان ميت ورجع للحياة وكان ضايع ولقيناه.